فصل: تفسير الآيات (26- 27):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير القرآن العظيم (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (26- 27):

{وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)}.
هذا فيه تقريع وتوبيخ لمن عبد غير الله، وأشرك به من قريش، في البقعة التي أسسّتْ من أول يوم على توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، فذكر تعالى أنه بَوأ إبراهيم مكانَ البيت، أي: أرشده إليه، وسلمه له، وأذن له في بنائه.
واستدل به كثير ممن قال: «إن إبراهيم، عليه السلام، هو أول من بنى البيت العتيق، وأنه لم يبن قبله»، كما ثبت في الصحيح عن أبي ذر قلت: يا رسول الله، أي مسجد وُضعَ أول؟ قال: «المسجد الحرام». قلت: ثم أي؟ قال: «بيت المقدس». قلت كم بينهما؟ قال: «أربعون سنة».
وقد قال الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ. فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيم} الآية [آل عمران: 96، 97]، وقال تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125].
وقد قدمنا ذكر ما ورد في بناء البيت من الصحاح والآثار، بما أغنى عن إعادته هاهنا.
وقال تعالى هاهنا: {أَنْ لا تُشْرِكْ بِي} أي: ابْنه على اسمي وحدي، {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} قال مجاهد وقتادة: من الشرك، {لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} أي: اجعله خالصا لهؤلاء الذين يعبدون الله وحده لا شريك له.
فالطائف به معروف، وهو أخص العبادات عند البيت، فإنه لا يفعل ببقعة من الأرض سواها، {وَالْقَائِمِينَ} أي: في الصلاة؛ ولهذا قال: {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} فقرن الطواف بالصلاة؛ لأنهما لا يشرعان إلا مختصين بالبيت، فالطواف عنده، والصلاة إليه في غالب الأحوال، إلا ما استثني من الصلاة عند اشتباه القبلة وفي الحرب، وفي النافلة في السفر، والله أعلم.
وقوله: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} أي: ناد في الناس داعيا لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه. فَذُكر أنه قال: يا رب، وكيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم؟ فقيل: ناد وعلينا البلاغ.
فقام على مقامه، وقيل: على الحجر، وقيل: على الصفا، وقيل: على أبي قُبَيس، وقال: يا أيها الناس، إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه، فيقال: إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمَعَ مَن في الأرحام والأصلاب، وأجابه كل شيء سمعه من حَجَر ومَدَر وشجر، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة: «لبيك اللهم لبيك».
هذا مضمون ما روي عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جُبَير، وغير واحد من السلف، والله أعلم.
أوردها ابن جَرير، وابن أبي حاتم مُطَوّلة.
وقوله: {يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} قد يَستدلّ بهذه الآية من ذهب من العلماء إلى أن الحج ماشيا، لمن قدر عليه، أفضلُ من الحج راكبا؛ لأنه قدمهم في الذكر، فدل على الاهتمام بهم وقوة هممهم وشدة عزمهم، والذي عليه الأكثرون أن الحج راكبا أفضل؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه حج راكبا مع كمال قوته، عليه السلام.
وقوله: {يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ} يعني: طريق، كما قال: {وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلا} [الأنبياء: 31].
وقوله: {عَمِيقٍ} أي: بعيد. قاله مجاهد، وعطاء، والسدي، وقتادة، ومقاتل بن حيان، والثوري، وغير واحد.
وهذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن إبراهيم، حيث قال في دعائه: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37] فليس أحد من أهل الإسلام إلا وهو يحن إلى رؤية الكعبة والطواف، فالناس يقصدونها من سائر الجهات والأقطار.

.تفسير الآيات (28- 29):

{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)}.
قال ابن عباس: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} قال: منافع الدنيا والآخرة؛ أما منافع الآخرة فرضوان الله، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البُدْن والربح والتجارات.
وكذا قال مجاهد، وغير واحد: إنها منافع الدنيا والآخرة، كقوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198].
وقوله: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ} قال شعبة وهُشَيْم عن أبي بشر عن سعيد عن ابن عباس: الأيام المعلومات: أيام العشر، وعلقه البخاري عنه بصيغة الجزم به. ويروى مثله عن أبي موسى الأشعري، ومجاهد، وعطاء، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، والضحاك، وعطاء الخراساني، وإبراهيم النَّخعي. وهو مذهب الشافعي، والمشهور عن أحمد بن حنبل.
وقال البخاري: حدثنا محمد بن عَرْعَرَة، حدثنا شعبة، عن سليمان، عن مسلم البَطِين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما العمل في أيام أفضل منها في هذه» قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل، يخرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء».
ورواه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
وقال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح. وفي الباب عن ابن عمر، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وجابر.
قلت: وقد تقصيت هذه الطرق، وأفردت لها جزءًا على حدته، فمن ذلك ما قال الإمام أحمد: حدثنا عَفَّان، أنبأنا أبو عَوَانة، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العملُ فيهن، من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهم من التهليل والتكبير والتحميد» وروي من وجه آخر، عن مجاهد، عن ابن عمر، بنحوه.
وقال البخاري: وكان ابن عمر، وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر، فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
وقد روى أحمد عن جابر مرفوعا: أن هذا هو العشر الذي أقسم الله به في قوله: {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2].
وقال بعض السلف: إنه المراد بقوله: {وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} [الأعراف: 142].
وفي سنن أبي داود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم هذا العشر.
وهذا العشر مشتمل على يوم عرفة الذي ثبت في صحيح مسلم عن أبي قتادة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة، فقال: «أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية والآتية».
ويشتمل على يوم النحر الذي هو يوم الحج الأكبر، وقد ورد في حديث أنه أفضل الأيام عند الله.
وبالجملة، فهذا العشر قد قيل: إنه أفضل أيام السنة، كما نطق به الحديث، ففضله كثير على عشر رمضان الأخير؛ لأن هذا يشرع فيه ما يشرع في ذلك، من صيام وصلاة وصدقة وغيره، ويمتاز هذا باختصاصه بأداء فرض الحج فيه.
وقيل: ذاك أفضل لاشتماله على ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر.
وتوسط آخرون فقالوا: أيام هذا أفضل، وليالي ذاك أفضل. وبهذا يجتمع شمل الأدلة، والله أعلم.
قول ثان في الأيام المعلومات: قال الحكم، عن مِقْسَم، عن ابن عباس: الأيام المعلومات: يوم النحر وثلاثة أيام بعده. ويروى هذا عن ابن عمر، وإبراهيم النَّخَعي، وإليه ذهب أحمد بن حنبل في رواية عنه.
قول ثالث: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن المديني، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا ابن عَجْلان، حدثني نافع؛ أن ابن عمر كان يقول: الأيام المعلومات والمعدودات هن جميعهن أربعة أيام، فالأيام المعلومات يوم النحر ويومان بعده، والأيام المعدودات ثلاثة أيام يوم النحر.
هذا إسناد صحيح إليه، وقاله السدي: وهو مذهب الإمام مالك بن أنس، ويعضد هذا القول والذي قبله قوله تعالى: {عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ} يعني به: ذكر الله عند ذبحها.
قول رابع: إنها يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم آخر بعده. وهو مذهب أبي حنيفة.
وقال ابن وهب: حدثني ابن زيد بن أسلم، عن أبيه أنه قال: المعلومات يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق.
وقوله: {عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ} يعني: الإبل والبقر والغنم، كما فصلها تعالى في سورة الأنعام وأنها {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} الآية [الأنعام: 143].
وقوله {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} استدل بهذه الآية من ذهب إلى وجوب الأكل من الأضاحي وهو قول غريب، والذي عليه الأكثرون أنه من باب الرخصة أو الاستحباب، كما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نحر هديه أمر من كل بدنة ببضعة فتطبخ، فأكل من لحمها، وحسا من مرقها.
وقال عبد الله بن وهب: قال لي مالك: أحب أن يأكل من أضحيته؛ لأن الله يقول: {فَكُلُوا مِنْهَا}: قال ابن وهب وسألت الليث، فقال لي مثل ذلك.
وقال سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم: {فَكُلُوا مِنْهَا} قال: كان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم فرخص للمسلمين، فمن شاء أكل، ومن شاء لم يأكل. وروي عن مجاهد، وعطاء نحو ذلك.
قال هُشَيْم، عن حُصَين، عن مجاهد في قوله {فَكُلُوا مِنْهَا}: هي كقوله: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2]، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ} [الجمعة: 10].
وهذا اختيار ابن جرير في تفسيره، واستدل من نصر القول بأن الأضاحي يتصدق منها بالنصف بقوله في هذه الآية: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}، فجزأها نصفين: نصف للمضحي، ونصف للفقراء.
والقول الآخر: أنها تجزأ ثلاثة أجزاء: ثلث له، وثلث يهديه، وثلث يتصدق به؛ لقوله في الآية الأخرى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] وسيأتي الكلام عليها عندها، إن شاء الله، وبه الثقة.
وقوله: {الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}، قال عكرمة: هو المضطر الذي عليه البؤس، والفقير المتعفف.
وقال مجاهد: هو الذي لا يبسط يده.
وقال قتادة: هو الزّمِن.
وقال مقاتل بن حيان: هو الضرير.
وقوله: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ}: قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: هو وضع الإحرام من حلق الرأس ولبس الثياب وقص الأظفار، ونحو ذلك.
وهكذا روى عطاء ومجاهد، عنه.
وكذا قال عكرمة، ومحمد بن كعب القُرَظي.
وقال عكرمة، عن ابن عباس: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} قال: التفث: المناسك.
وقوله: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}، قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: يعني: نحر ما نذر من أمر البُدن.
وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}: نذر الحج والهدي وما نذر الإنسان من شيء يكون في الحج.
وقال إبراهيم بن مَيْسَرَة، عن مجاهد: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} قال: الذبائح.
وقال ليث بن أبي سليم، عن مجاهد: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} كل نذر إلى أجل.
وقال عكرمة: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}، قال: حجهم.
وكذا روى الإمام ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان في قوله: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} قال: نذر الحج، فكل من دخل الحج فعليه من العمل فيه: الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة، وعرفة، والمزدلفة، ورمي الجمار، على ما أمروا به. وروي عن مالك نحو هذا.
وقوله: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}: قال مجاهد: يعني: الطواف الواجب يوم النحر.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن أبي حمزة قال: قال لي ابن عباس: أتقرأ سورة الحج؟ يقول الله: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، فإن آخر المناسك الطواف بالبيت.
قلت: وهكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لما رجع إلى منى يوم النحر بدأ يرمي الجمرة، فرماها بسبع حصيات، ثم نحر هديه، وحلق رأسه، ثم أفاض فطاف بالبيت. وفي الصحيح عن ابن عباس أنه قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.
وقوله: {بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}: فيه مستدل لمن ذهب إلى أنه يجب الطواف من وراء الحجر؛ لأنه من أصل البيت الذي بناه إبراهيم، وإن كانت قريش قد أخرجوه من البيت، حين قصرت بهم النفقة؛ ولهذا طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحِجْر، وأخبر أن الحجر من البيت، ولم يستلم الركنين الشاميين؛ لأنهما لم يتمما على قواعد إبراهيم العتيقة؛ ولهذا قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر العَدَني، حدثنا سفيان، عن هشام بن حُجْر، عن رجل، عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه.
وقال قتادة، عن الحسن البصري في قوله: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} قال: لأنه أول بيت وضع للناس.
وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
وعن عكرمة أنه قال: إنما سمي البيت العتيق؛ لأنه أعتق يوم الغرق زمان نوح.
وقال خَصِيف: إنما سمي البيت العتيق؛ لأنه لم يظهر عليه جبار قط.
وقال ابن أبي نَجِيح وليث عن مجاهد: أعتق من الجبابرة أن يسلطوا عليه.
وكذا قال قتادة.
وقال حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن بن مسلم، عن مجاهد: لأنه لم يُرِده أحد بسوء إلا هلك.
وقال عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن الزهري، عن ابن الزبير قال: إنما سمي البيت العتيق؛ لأن الله أعتقه من الجبابرة.
وقال الترمذي: حدثنا محمد بن إسماعيل وغير واحد، حدثنا عبد الله بن صالح، أخبرني الليث، عن عبد الرحمن بن خالد، عن ابن شهاب، عن محمد بن عروة، عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما سمي البيت العتيق؛ لأنه لم يظهر عليه جبار».
وكذا رواه ابن جرير، عن محمد بن سهل النجاري، عن عبد الله بن صالح، به. وقال: إن كان صحيحًا وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ثم رواه من وجه آخر عن الزهري، مرسلا.